كنت أشعر بغضب تجاه العالم كله ، رغم أنني أجهل السبب الحقيقي لهذا الرفض .
بدت لي القيم التي نشأت عليها جميعها زائفة .
كنت أرى حياة الناسكات عبثاً دون معنى ، بل كنت أرى حياتي عبثا ، ولكن ماذا عساي أن أفعل ؟!
موسيقى الروك والأزياء التي كان لها إغراء كبير وبريق جذاب لدى معاصري .. بدت لي مبتذلة وتافهة وحقيرة .
كنت أبحث عن أجوبة جوهرية في الحياة .. عشت مع البوذيين والصوفيين في لندن ، ومع أعضاء عديدين كانوا من مختلف الفئات الدينية والسياسية ، وكثيرا ما حاولت وبذلك جهدي لأشترك معهم ، ولكن دون جدوى ، إذ لم تجب أي من تلك المعتقدات والأيدلوجيات عن أسئلتي وحاجاتي التي كنت أشعر بضرورتها لتحديد هدفي في الحياة .
بمرور الأيام - وأنا على تلك الحالة – أخذت الحياة تشتد صعوبة أمامي أكثر فأكثر ، فبدأت الصراعات والتناقضات التي كنت أعانيها تنعكس على العالم من حولي ، وأصبح تفكيري سلبياً إلى حد لم أعد معه أطيق حتى الأشياء التي كنت أحبها .
زاد الأمر سوءا أن الذين كنت أعمل معهم ، ومن هم في الجامعة معي ، وأصدقائي الآخرون ، كلهم كانوا غافلين عن نوعية المجتمع الذي نعيش فيه ، وعن كونه مجتمعا مزيفا خادعا ، ولا سيما أولئك الذين يدعون أنهم مثقفون .
في الحقيقة أنني وجدت صعوبة في إعذار هؤلاء لعدم تمكنهم من رؤية هذه المظالم .. لذا بقيت وحيدة في حفرتي الظلماء .
عندما بدأت بقراءة التراجم الإنجليزية لبعض الكتب الإسلامية لم أستطع فهمها مباشرة ، رغم أنني قرأت – عندما كنت في الجامعة – كتبا عن الإسلام كتبها مستشرقون .
شئ في ذاتي استجاب إلى تلك الرسائل " رسائل النور لسعيد النورسي " مع أن فكري لم يستطع أن يستوعب ما فيها من بحوث .
مشاعر داخلية عميقة في نفسي أخذ تتغذى من هذه الرسائل التي انكببت على قراءتها وحدي ، فالحمد لله الذي ساقني إلى هذا الطريق لأنعم بالإسلام .
لقد نجوت من تلك الحفرة المظلمة ، وانزاحت عني غشاواتها واحدة بعد الأخرى ، بمعاونة أصدقاء مسلمين في الجامعة وصبرهم علي ومؤازرتهم إياي .
خلال فترة من الزمن ( ثلاث سنوات ) عقدنا مناقشات منظمة ودراسات منسقة لقراءة كتب إسلامية مترجمة إلى الإنجليزية .
أعجز عن التعبير عن إحساسي بالسعادة والاطمئنان والراحة والإثارة في كل الأشياء التي اكتشفتها بعد قراءاتي لترجمات كتب إسلامية موثوقة ، واكتشافي لحقيقة الحياة عن طريقها .
لقد وجدت هذه العقيدة الصحيحة لا تخاطب عقلي وحده ، بل تزيل أدران الشكوك والأوهام الناشئة عن عدم الإيمان من أعماق قلبي ومشاعري كلها ، وأصبحت الآن متجاوبة ومنسجمة تماما مع الوجود.
البريطانية : ماري ويلز
من لقاء معها نشرته مجلة " الدعوة " السعودية